هل التقنية تؤثر سلبا على التعليم ؟

 

هل التقنية تؤثر سلبا على التعليم؟
هل التقنية تؤثر سلبا على التعليم؟

 

في الثمانينات في بدايات الثورة الرقمية كنا ننتشي من الفرحة لو حصل احدنا على جهاز صخر الاسطوري او استطاع استخدامه عند احد اصدقائه و كانت تعلو وجوه آبائنا ابتسامة عريضة عند مشاهدتنا نتفاعل مع احد البرامج التعليمية المطورة لذلك الجهاز.هذا احد امثلة استخدام التقنية و تسخيرها لصالح التعليم و الذي غدا صرعة هذه الايام و غاية لكل مؤسسة تعليمية و مسئول تعليمي و مطلب ملح من جميع الاطراف المعنية بالتعليم في العالم اجمع. و لا شك ان التقنية قد غيرت الكثير في حياة مستخدمها و في سلوكه و طريقة انجازه للأشياء.

متصل في كل مكان و اي وقت

و قع بيدي فلم (الأمة الرقمية) الوثائقي والمشوق و المثير للاهتمام و الذي عرض في عام ٢٠١٠ على شبكة PBS و يناقش تأثير التقنية على ثقافة المجتمع واسلوب حياته و تأثيرها على التعليم و العمل و التواصل الاجتماعي سلبا و ايجابا. ينقل الفلم في جزئه الاول صورة حقيقية لطلاب معهد مانتشسيوتس التقني (M I T) الذين لا يستطيعون الانفكاك عن اجهزتهم سواء كانت حاسبات أو أجهزة نقالة فهم يستخدمونها في التواصل الاجتماعى و في الدراسة و العمل أيضاً و بعضهم لا يستطيع تخيل نفسه بعيدا عن جهازه أو عن هاتفه النقال و لعل هذا يحصل معكم ايضا و معي شخصيا فأنا لا استطيع تخيل نفسي بدون حاسوبي المحمول مطلقاً و أُفضل استخدامه في اداء معظم الاعمال مثل الكتابة و الرسم و حتى مشاهدة برامجي المفضلة. حالة طلاب M I T اكثر تطورا فاستخدام التقنية عميق جدا و ضروري حتى في الامور البسيطة جدا فالطالب يدرس منهجه و يسجل ملاحظاته الكترونياً و يتناقش مع زملائه في البوابة التعليمية و يراسل مدرسه عن طريق البريد الالكتروني!…….

استخدام الكمبيوتر المحمول أمر شائع و معتاد و مسموح داخل الفصول الدراسية و كثير من الطلاب يدونون ملاحظاتهم حول الدرس على ملفات رقمية في اجهزتهم المحمولة.للمحاضرة التي يلقيها المعلم مستخدما هو بدوره و مستعينا بشرائح العرض و جهاز البروجكتر و ملاحظات دونها على جهازه المحمول أو جهازه اللوحي.هذه احدى صور استخدام التقنية داخل الفصول الدراسية في احد اشهر المؤسسات التعليمية في العالم. السؤال هو هل هاذا هو الاستخدام الامثل للتقنية في التعليم؟

تعدد المهام لدى مستخدم التقنية

تعدد المهام (Multitasking) هي احد خصائص انظمة تشغيل الحاسبات و التي تمكنها من التعامل مع اكثر من عملية في نفس الوقت و بشكل مناسب.ومن الملاحظات المثيرة للأهتمام أن الانسان نفسه اصبح يحاكي الآلة التي صممها فاصبح تعدد المهام احد العادات التي يمارسها الكثير من مستخدمي التقنية. فمثلا انت تقوم بتصفح بريدك الالكتروني و حسابك في الفيسبوك و تبحث في قوقل و تكتب بعض الملاحظات في نفس الوقت حيث تنتقل بين هذه الصفحات و المهام بشكل متتابع. العديد من مستخدمي التقنية يمارسون هذا السلوك و لا يجدون اي مشكلة في ذلك بل انهم يعدون ذلك من الاحتراف و انهم ينجزون الكثير في وقت اقل و هو ما يمارسه العديد من طلاب M IT.

ما حصل في فصول M I T هو استخدام الطلاب لأجهزتهم لأداء العديد من المهام داخل القاعة فبعضهم يستخدم المراسلة أو يبحث في قوقل و ربما في امور تخص الدرس نفسه و لكن المشكلة ان هذه المهام سرقت جزء ولو بسيط من تركيز الطالب و انتباهه للمادة المطروحة في الدرس و النتيجة هي تحصيل أقل بسبب كل هذه المهام البسيطة المشتتة للانتباه.

المشكلة الفعلية هي ان العديد ممن يقومون بتعدد المهام يعتقدون انهم ناجحون في ذلك و يقومون بالعمل المطلوب على اكمل وجه بدون تقصير أو اخلال بأحدها أو بها جميعاً و الحقيقة عكس ذالك تماما كما اثبتت ابحاث الدكتور كليفورد ناس ( Clifford I. Nass )و التي سلط الفيلم عليها الضوء و التي اثبتت ان متعددي المهام اقل فعالية و أقل كفائة في الاعمال التي يقومون بها على التوازي أو في نفس الوقت بل ان الدراسة اثبتت ان انجازهم للأعمال كان ابطأ.

لا شك ان استخدام التقنية في التعليم مطلب ملح و ضرورة للإرتقاء بالعملية التعليمية و تحقيق الاهداف المرجوة من البرنامج التعليمي المطبق في مدارسنا و جامعاتنا.و لكن المشكلة تكمن في عدم مراعاة التغير في سلوك مستخدم هذه التقنية من طالب و معلم مما ينعكس سلبا علي العملية التعليمية.

الحل هو اعادة تصميم هذه التقنيات و تخصيصها لتناسب المنهج المطروح و النشاط المطلوب انجازه مع الاخذ بالعتبار سلوك الطلاب و المعلمين المستخدمين لهذه التقنيات لتصبح ادوات فعالة بيد الطالب و المعلم لخدمة التعليم و الارتقاء بالعملية التعليمية